الامل البعيد (بدأت مجدها بعد اغتصاب زوجها لها) الجزء الثالث
أتدرون أنني في أغلب الليالي الطويلة كنت أحتضنهم وأنام وإياهم ونحن جالسون خوفا من أن يقوم بقتلنا كما كان يتوعد دائما.. أما حين يكون بحاجة المخدر ولا يجده فإنه يقوم بتحطيم الأثاث وتكسير الأواني وطردي مع أطفالي إلى الشارع وكثيرا ما قام جيراننا الطيبون بإيوائنا رحمة وشفقة بنا ولعلكم تتساءلون عن والداي ودورهما مساعدتي..؟
اسمحوا لي أن أصدمكم بقولي.. أنهما لم يحركا ساكنا تجاه ما يريانه من أحداث مؤلمة تحيط بي. وكاد اليأس أن يتسلل إلى نفسي من هذه الحياة السوداء التعيسة التي أعيشها ولكن قوة إيماني بربي كانت تحول بيني وبين هذا الشبح البغيض.. دعوت الله في تلك الليالي المدلهمة أن يفرج كربي ويزيل عني هذا البلاء الذي تعجز نفسي المرهفة على احتماله! واستجاب الله لدعائي..
ففي ذات يوم سمعت صراخ الجيران من حولنا وهم ينادون علي (يا أم فلان.. زوجك.. زوجك) ركضت أنا وأطفالي مسرعين خرجنا من الدار لنرى ما حدث.. لقد قام زوجي السكير بالعراك مع رجل من زبائنه اختلف وإياه على ثمن قطعة هيروين فتطاعنا بالسكين فطعنه زوجي طعنات قاتلة فمات على الفور.
لقد شاهدت زوجي المجرم وقد تلطخت ملابسه بالدماء وهو يرتجف بين أيدي رجال الشرطة، كما يرتجف الفأر المذعور حين يقع في المصيدة، كانت شفتاه تميلان إلى اللون الأبيض من هول الموقف، وأطرافه بالكاد تحمله، أما عيناه فكانتا زائغتين ينظر إلى الناس من حوله بذهول أما أنا فلا تسألوني عن مشاعري المضطربة حينها، لا أدري أهي لحظات سعادة، أم شماتة انتظرتها من زمن طويل، أم هي مشاعر ألم هيجتها ذكرياتي المؤلمة، لم أشعر إلا وأنا أردد لا شعوريا، الحمد لله..
الحمد لله، تذكرت تلك الليلة الحزينة ليلة زفافي الأليمة حين وجه طعناته النافذة، واغتصبني بقسوة رجل سكير يحمل بين جنبيه قلبا من صخر لا رحمة فيه ولا شفقة.. تذكرت جراحي النازفة وثيابي الممزقة , وارتجافي بين يديه بخوف، لم أكن أعلم إلى أين أفر؟ ولم يكن لي مهرب تذكرت دموعي الساخنة في تلك الليلة السوداء. يا إلهي ها هو الزمن يعيد تصويره العجيب إنه اليوم في نفس موقعي بالأمس،
يا لها من دنيا عجيبة. وبعد أسبوع فقط من القبض عليه وقبل حتى أن تبدأ محاكمته، أصدرت عدالة السماء حكمها فمات بعد ارتفاع الضغط وإصابته بنزيف دماغي، أتتخيلون البلبل الصغير حين يفتح له باب القفص فجأة فيتردد في الانطلاق ظنا منه أن ذلك حلم، كنت أنا مثله تمامًا، بصقت على دولاب ملابسه وعلى كؤوس خمره القذرة وعلى سوطه الذي ألهب جسدي وجسد أطفاله من ضرباته المؤلمة بصقت على كل شبر في منزلي سار عليه ودنسه برجليه الكريهتين وجاءت أسرتي تعزيني بوفاته وأنا التي لم أرهم منذ سنتين فكانت أول كلمة قالتها أمي حتى قبل أن تقبلني الله يرحمه.. هل عنده ورث؟!!
ولولا خوفي من الله لطردتها وطردتهم جميعا، ومن تصاريف رب القدر أن زوجي كان مدينا وحين علمت أسرتي بذلك لم أعد أراهم، فقد خافوا أن أشكل عليهم عبئا إضافيا أنا وأطفالي، شعرت بالألم الممزوج بالقهر، فيا لها من بيعة خاسرة تلك البيعة التي أبرمها أهلي مع ذلك الجلاد..
خمس سنوات من عمري ضاعت وحين كان أهلي يستعدون لجني الأرباح وجدوا أن الأسهم كانت خاسرة.. ففضلوا الهرب بعيدا جلست أفكر مليا فأنا الآن أمام مفترق الطرق، فأنا أرملة جميلة في العشرين من عمري لدي ثلاثة أطفال، وليس لدي مورد رزق.. ماذا أفعل؟؟!
أمامي طريقين أسلكهما الأول هو طريق الكفاح والصبر.. والأمل البعيد، والثاني: طريق الكسب السريع حين أبيع أنوثتي للراغبين في امرأة جميلة ووحيدة، اخترت الطريق الأول بلا تردد..
فأهم شيء حصلت عليه من رحلتي المؤلمة أنني أصبحت حرة ليس لهؤلاء عديمي الرحمة والشفقة قيد عليَّ فكان أول ما فعلته أنني بعت آخر قطعة ذهب خبأتها عندي بمبلغ لا بأس به ورحلت عن هذا المنزل الكريه الذي شهد أسوأ ذكرياتي… وانتقلت أنا وأطفالي إلى مدينة بعيدة وهناك استأجرت غرفة صغيرة بحمامها، واشتريت موقدا صغيرا وسريرا مستعملا ليضمني أنا وأطفالي،
وبعض الأواني القديمة المستعملة، أعترف أنها كانت غرفة حقيرة حتى في نظر الفقراء ولكن ما جعلها مثل الحلم بنظري هو أنني وحدي فيها مع أطفالي فأنا التي أحدد مصيري بعد إرادة الله طبعا فلا أحد بعد اليوم سيرسم لي طريق حياتي البائسة.
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.